نقدم هذا الموضوع الذي نشرته صحيفة سبق الألكترونية
دعاء بهاء الدين- ريم سليمان- سبق- جدة:
لم يكن يدور بخلد مصممي "كارت العائلة" والقائمين عليه أن هذا "الكارت"
الذي يستهدف تحقيق الهوية والحفاظ على الأسرة، أنه سيتم استغلاله بصورة أقل
ما توصف به أنها سيئة ومبتذلة وغير أخلاقية.
ولم يكن يتصور أن تصل مخيلة الإنسان إلى استغلال هذا الكارت واستخدامه في الخداع والغش والتزوير والتدليس.
وكشف الخبراء لـ"سبق" عن أن غياب صورة المرأة عن الكارت ساهم بدرجة كبيرة
في استغلالها من قبل بعض ضعاف النفوس وأصحاب النزوات المريضة والباحثين عن
المتعة الوقتية في استدراج الأخريات وقضاء السهرات في أفخم الفنادق
والأماكن السياحية بذلك "الكارت".
"سبق" تعرض قصصاً واقعية لبعض ممن استغلوا كارت العائلة في أغراض غير
شرعية، وتتساءل، كيف نحمي تلك الوثيقة التي أنشئت للحفاظ على الأسرة من عبث
العابثين؟.
شعور بالأمان
في البداية اعترف أحد الشباب "تحتفظ سبق باسمه" باستغلاله لكارت العائلة
قائلاً: تعرفت على فتاة عبر برامج الشات وبثت لي شكواها عن معاناتها مع
والدها وقسوته معها، حتى إرغامها على الزواج من شخص يكبرها بسنوات كثيرة.
وتابع حديثه: تعاطفت معها وشعرت بالرغبة في الاقتراب منها، وصارحتها برغبتي
فوجدت استجابة منها.
وأردف قائلاً: أخذت كارت العائلة الخاص بأبي وحجزت غرفة في فندق والتقيت بالفتاة وشعرت بالأمان معها بعيداً عن أعين الناس.
تساورني الشكوك
وأعرب موظف استقبال بأحد الشقق الفندقية عن شكوكه إزاء بعض النزلاء وقال:
أحياناً تساورني الشكوك إزاء بعض الرجال الذين يحضرون مع فتيات إلى الفندق،
فبالرغم من إبرازه لكارت العائلة، بيد أني ألاحظ ارتباكه وقلقه وسرعته في
إنهاء إجراءات حجز الغرفة.
وتابع حديثه: بالطبع لا أستطيع اتخاذ أي إجراء تجاهه لأن أوراقه صحيحة،
وأحياناً تثبت ظنوني فأجد هذا الرجل يغادر الفندق بعد ثلاث ساعات بالرغم من
أنه حجز الغرفة ليوم واحد.
علاقات نسائية
إحدى الزوجات أبدت خوفها من استغلال زوجها لكارت العائلة فقالت: لـ "سبق"
أسمع أن بعض الأزواج يستغلون كارت العائلة لإقامة علاقة غير شرعية مع
فتيات. موضحة أن زوجها متعدد العلاقات النسائية، وكثيراً ما سمعت أحاديثه
العاطفية عبر الجوال، وأكدت أنه قد يستغل أي فرصة لإقامة علاقات نسائية،
معربة عن رغبتها في الانفصال عن زوجها لشعورها بامتهان كرامتها.
التعرف عن قرب
ولم ينكر أحد الأزواج استغلاله لكارت العائلة فقال: علاقتي مع زوجتي دائماً
متوترة، ولم أعد احتمل شخصيتها البغيضة، وفكرت كثيراً في طلاقها، بيد أن
صورة أبنائي لا تفارقني، وتابع: تعرفت على فتاة ، حلمت بها شريكة حياتي،
قررت مقابلتها للتعرف عليها عن قرب.
واستكمل حديثه: قررت مقابلتها في أحد الفنادق وحجزت غرفة بكارت العائلة.
شخص لا يؤتمن
أما أمل فصرحت لـ"سبق" عن علاقة عابرة كانت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع
شاب في الثلاثين من عمره وقالت: شعرت بالراحة في الحديث معه، واقتربنا
كثيراً من بعض وأحسست بالتفاهم والتوافق بيننا، بل تمنيته زوجاً لي في يوم
ما، إلا أنه تأتي الأقدار بما لا تشتهي السفن، ففتى أحلامي الذي طالما حلمت
بزواجه طلب مني أن نتعرف على بعض أكثر وأن نتقابل لكن بعيداً عن أعين
الناس، وبأنه سوف يستغل كارت العائلة في حجز غرفة فندق نتقابل فيها.
وتابعت: حاول إقناعي مرات عدة إلا أن الشكوك راودتني كثيراً، وحسمت أمري
بالرفض وابتعدت عنه تماماً خوفاً على نفسي، حيث شعرت أنه شخص غير مؤتمن.
وقالت: ما أكثر هؤلاء الشباب على الإنترنت.
السجن أو الغرامة
وقد أفاد لـ"سبق" مساعد الناطق الإعلامي لشرطة الرياض الرائد فواز الميمان
أن دور شرطة منطقة الرياض يتمثل في ضبط الحالة إن وجدت، وإحالة المتهمين
فيها إلى جهات التحقيق المختصة بحسب نوع القضية، ومن ثم فرز أوراق مستقلة
لها إذا ما اقترنت بفعل إجرامي آخر. مؤكداً أن من يثبت استغلاله لكارت
العائلة يتم تطبيق الأنظمة بحقه، وما يترتب على ذلك من سجن أو غرامة أو
بهما معاً، بحسب ما نص عليه نظام الأحوال المدنية.
وحول الإجراءات الوقائية لمنع استغلال كارت العائلة قال الميمان: ضرورة
التعميم عبر وسائل الإعلام المختلفة من كافة الجهات ذات العلاقة بأهمية حمل
بطاقات إثبات الشخصية، ومطابقتها لواقع الحال. محذراً من مغبة إساءة
استعمالها بأي شكل من الأشكال.
آليات وضوابط
من جانبه نفى الناطق الإعلامي لشرطة الطائف المقدم تركي الشهري تسجيل
مخالفات قانونية تتعلق بإساءة استخدام الهوية الوطنية الخاصة بسجل الأسرة
للسكن بالفنادق أو الشقق المفروشة. مشدداً على وجود آليات وضوابط يتم العمل
بها وفق الأنظمة والتعليمات.
ونوه الشهري بدور الجهات الأمنية الرقابي على الفنادق والشقق المفروشة
بالمحافظة، محذراً من يخالف هذه الأنظمة من الوقوع تحت وطأة المساءلة
القانونية. وأكد في هذا السياق على التعاون المستمر مع الجهات الحكومية
الأخرى بمحافظة الطائف، بغية الوصول إلى التكامل في أدوار المؤسسات
الحكومية.
صورة المرأة
رأى أستاذ علم الاجتماع في جامعة حائل البروفيسور عبدالله الفوزان أن
المجتمعات دائماً ما تضع الأنظمة والقوانين من أجل تنظيم العلاقات بين
أفرادها، بيد أن هناك من يسعى إلى اختراق تلك الأنظمة والقوانين وتجاوزها
من باب المقاومة بالحيلة. موضحاً أن كارت العائلة يعد هوية ووثيقة رسمية
معترف بها من القطاعات الحكومية والأهلية، باعتبارها أساس التعريف بهوية
الرجل والمرأة على حد سواء.
وأشار إلى عدة عوامل تدفع إلى استخدام كارت العائلة في ارتكاب المحظورات،
وخاصة عند ارتياد الفنادق والشقق المفروشة، أهمها عدم وجود صورة المرأة في
هذا الكارت، قائلاً: ما دامت المرأة لدينا بلا هوية فمن المتوقع استمرار
استغلال البعض لهذه الظروف.
وحذر البروفيسور الفوزان من عدم وجود نظام يعطي أصحاب الفنادق والشقق
المفروشة الحق في التحقق من هوية المرأة المصاحبة للرجل. مشيراً إلى أن
المرأة عادة ما تغطي وجهها ولا توجد معها هوية خاصة بها، لذا من الطبيعي أن
يجد البعض في مثل هذا الواقع فرصة لاختراق الأنظمة والقوانين.
وأنحى باللائمة على المجتمع الذي يضع الكثير من العراقيل أمام الزواج،
كغلاء المهور وزيادة مصاريف الزواج، مما يجعل البعض يبتدع وسائل جديدة
لإشباع رغباتهم ويكون اللجوء إلى ارتكاب المحرم هو الوسيلة الوحيدة لإشباع
الغريزة واستخدام كارت العائلة لهذه الغاية.
سلوك إجرامي
وانتقد الفوزان إجبار العديد من الأسر أبناءهم وبناتهم على الزواج بشركاء
لا يرغبون فيهم، معرباً عن أسفه من طريقة الاختيار في الزواج، وحرمان البعض
من رؤية المخطوبة والاعتماد على ما تراه الأم والأخوات، مما يهيئ الظروف
لعدم الرضا بين الزوجين، وينتج عنه ازدياد معدلات المشاكل والخلافات
الزوجية والطلاق والخيانات الزوجية، ويلجأ بعض الأزواج إلى الخيانة الزوجية
واستخدام كارت العائلة لهذه الغاية.
وطالب الجهات المسؤولة أن تجعل هوية المرأة التي تتضمن صورتها الشخصية
أمراً واجباً، على أن يتم إلزام الجهات الحكومية والأهلية بالاعتماد على
هذه الهوية التي تحمل الصورة فقط للتعريف بالمرأة، مما يساهم كثيراً في
الحد من هذه المشكلة.
وختم الفوزان حديثة محذراً من خطورة استخدام كارت العائلة للتغطية على سلوك
إجرامي يعد جريمة انتحال لشخصية إنسانة بريئة من قبل المجرم والمجرمة
المصاحبة له، كما أنه يعد انتهاكاً صريحاً لحقوق المرأة بسبب حرمانها من
هوية خاصة بها تمنع الآخرين من استغلال اسمها في ممارسات إجرامية.
سلاح كارت العائلة
وأبان الأكاديمي والكاتب في جريدة المدينة عبدالله الجميلي: أن إثبات صفة
المرأة بكارت العائلة في المؤسسات الحكومية والأماكن العامة أمر نبيل، بيد
أنه ومع استحالة التحقق من شخصية المرأة أو الفتاة بكارت العائلة في ظل عدم
وجود صورتها، جعل العديد من المجرمين وضعاف النفوس يستغلون ذلك في عدة
وجوه منها: سلب أموال المرأة وممتلكاتها، فربما يحضر زوج أو أب أو أخ
للمحكمة تصاحبه امرأة تمنحه توكيلاً أو تبيع له بعض ممتلكاتها على أنها
المعنية بالوثيقة التي يحملها، ويتم ذلك دون التحقق من شخصيتها، بينما
صاحبة الشأن آخر مَـن يعلم.
واستنكر الجميلي من يحتمي بسلاح كارت العائلة في علاقاته غير الشرعية
بالنساء، سواء في مدينته أو عند سفره لمدينة أخرى، فعند إحضاره لامرأة، ما
عليه سوى أن يقدم للجهة المسؤولة رسمية أو خاصة كالفنادق والشقق المفروشة
كارت العائلة فقط، مرجعاً ذلك لقصور بعض الأنظمة، وتطبيقها دون دراسة
لأبعادها، مما يسهل اختراقها واستغلالها من قبل فئة من المجتمع. ولفت إلى
أن هذه الفئة تجعل من الأنظمة والوثائق أدوات لحماية تجاوزاتها، إلا أن
هناك ضحية أخرى ينتهك اسمها وشخصيتها دون وجه حق.
بصمة إلكترونية
وانتقد استخدام تلك الوثائق الورقية في إثبات الشخصية عموماً، وللمرأة
خصوصاً في عصر الثورة التقنية، في ظل وجود قطاع كبير من المجتمع يرفض
استخدام الصورة في تحديد شخصية المرأة، بالإضافة إلى صعوبة وجود موظفات
متخصصات حتى الآن في الجهات الحكومية والخاصة كالفنادق والشقق، مطالباً
باستخدام الوسائل الحديثة للتحقق من الشخصية كالبصمة التي يمكن ربطها عن
طريق الحاسوب والإنترنت بالدوائر الرسمية.
ورأى أن مثل هذا الإجراء يمكن أن يحد من تلك الممارسات. مؤكداً أن الأهم هو
رفع مستوى الفكر والوعي لدى المجتمع، وتحصينه بالرقابة الذاتية وذلك يأتي
على المدى الطويل.
الطابع الضبطي
وتحدث المتحدث باسم هيئة الأمر بالمعروف في القصيم الشيخ عبدالله المنصور
عن الإجراءات التي تقوم بها الهيئة عند وجود حالة اشتباه أو شكوى أو بلاغ
ضد شخص بأعمال التحريات اللازمة، ومن ثم اتخاذ إجراء وقائي لمن ثبت منه
المخالفة، وقد يرد في بعض الأحيان شكوى ضد أولئك، ولكن ولله الحمد بعد أن
نتأكد من شخصية المدعى عليه يثبت عكس ما قيل.
وأشار إلى أن هناك فئة قليلة جداً تقوم بهذا الجرم إذا لم يتوفر مكان
للالتقاء بمن يريد دون رقيب، وهناك بعض القضايا ثبت الجرم فيها، موضحاً أن
الهيئة كغيرها من الجهات الحكومية ذات الطابع الضبطي، تُعنى في الأساس بمنع
الجريمة قبل وقوعها